- كيف بدأت شركة أبل
- أول مبيعات شركة أبل
- بداية التخبط والإنهيار
- النهضة الحقيقة تعود لآبل مرة أخرى
تعد شركة آبل واحدة من أهم وأنجح الشركات في العالم في مجال التكنولوجيا، وهي أيضاً واحدة من أكبر الشركات من حيث حجم المبيعات، وذلك بسبب تَفَرُّدِها على المستوى التقني.
فشعارها الدقة والكفاءة، اللتان تجعلان جمهور آبل ينتظر منتجاتها الجديدة بكل شغف، ويتهافت لأجل الحصول عليها، حتى إن كلفهم الأمر الكثير من المال.
ولكن يتوَلَّد من ذلك سؤال لدى الكثير! كيف نجحت آبل في بيع منتجاتها وكسب ولاء عملائها الشديد على الرغم من أسعارها المرتفعة؟
ولماذا تتصدر مبيعات المجال التقني من بين جميع الشركات المنافسة؟ وما هي القصة وراء نجاح شركة آبل منذ بدايتها وحتى الآن؟
سنجيب عن هذا السؤال.. بدءاً ببوادر ظهور فكرة إنشاء شركة آبل، ومراحل تطورها، حتى لحظة الإنهيار وعوامل فشل الشركة، ثم عودتها للتربع على عرش السوق مرة أخرى.
– كيف بدأت شركة آبل
أسس شركة آبل كلًا من (ستيف جوبز – ستيف وزنياك – ورونالد واين)، والآن دعونا نتعرف على القصة الكاملة وكيف إلتقى هؤلاء الثلاثة سويًا، دون تفاصيل لا علاقة لها بالقصة.
كان ستيف جوبز (المدير التنفيذي لشركة آبل)، طالب في المرحلة الأولى بالجامعة، له إهتمامات متعددة بالتكنولوجيا والتقنيات، لكنه لم يحقق يومًا أية نجاحات ملموسة على أرض الواقع في ما يتعلق بشغفه.
شعر بعدم الفائدة من مسيرته الجامعية، وأنها لن تضف له أي مهارات ضرورية لسوق العمل والحياة، وبينما كان يفكر في قرار ترك الجامعة التقى بجاره وصديقه الذي يكبره بخمس سنوات (ستيف وزنياك).
يمكنك التعرف على قصة ستيف جوبز كاملة وكيف نجح على الرغم من تخلى والديه عنه وهو صغير في مقالة “قصة مؤسس أبل“.
كان وزنياك مُولعًا بالتكنولوجيا إلا أنه كان متيمزًا عن جوبز بإختراعاته الملموسة، فكان يقوم بتصنيع الشرائح الكهربائية وتكوينها كاملة.
حتى أنه في الثالثة عشرة من عمره صنع مذياعه الخاص، كما صنع هاتفًا متنقلاً يمكن إستخدامه في التواصل مع الآخرين مجانًا.
تحدث وزنياك إلى جوبز وأعرب له عن حبه لمجال التكنولوجيا، فاتخذ جوبز من وزنياك إستثمارًا كبيرًا للوصول لحلول تخدم البشرية وهي صناعة الأجهزة الإلكترونية الحالية التي تقدمها شركة آبل.
وعندما توصل وزنياك لإمكانية تصنيع أول جهاز كمبيوتر يمتلك شاشة وكيبورد، عرضَ جوبز على وزنياك إمكانية بيع الجهاز وتصنيع المزيد منه.
وذلك مقابل ربح يعادل أكثر من ضعف الدخل السنوي لوزنياك، مما دعاه للموافقة دون تفكير والبدء في تصنيع المزيد من الأجهزة.
– أول مبيعات شركة آبل
هنا وضع جوبز خطته لشراء معدات تكوين الجهاز الأول، وبدأ يعلن عن أول جهاز للشركة “آبل ١” وهنا ظهر (رونالد واين) المساعد الثالث، كانت مهمته قائمة على لِحام الشرائح وتركيب المعدات الداخلية فقط.
وأوضح من خلال لقاءات أجراها مع الإعلام أن جوبز و وزنياك كانت لديهم خطة كاملة عما يقومان به، لكنه كان لا يأبه بها ويعمل كما طُلب منه فقط.
بدأ جوبز في بيع أول جهاز تم تصنيعه على يد وزنياك، من هيكل خشبي يتكون من لوحة أُم Motherboard، من دون وحدة معالجة مركزية، ولا ذاكرة وصول عشوائية، كما هو في الصورة الموضحة.
عُرض الجهاز لأول مرة في نادي “هومبر” للحواسيب، وتم بيعه بـ٦٠٠ دولار أمريكي وقتها، وتهافت الناس على شرائه رغم أنه لا يعتبر حاسوبًا بالمقاييس الحالية.
وذلك لكونه أعظم جهاز في هذا الوقت، لكنه كان لا يعمل كحاسوب إلا عند توصيله بشاشة تلفاز.
عرض الجهاز في ولاية كاليفورنيا عام ١٩٧٦، العام الذي تأسست فيه شركة أبل رسمياً، وفي العام الذي يليه عرضت أبل الإصدار الثاني من جهاز آبل، بتطويرات أكثر، ولاقى إستحسانًا كبيرًا لدى العملاء، لأنه توافق مع العمل المكتبي.
تضاعفت مبيعات أبل تدريجيًا حتى إستطاعت الدخول في سوق البورصة، لكن الحظ لم يكن حليفًا لها طوال الوقت.
– بداية التخبط والإنهيار
إزداد إقبال الجمهور على أجهزة أبل، وبدأت آبل في إنتاج المزيد وتطوير منتجاتها، فأصدرت أجهزة ماكنتوش، وآبل ليزا، وفي هذا الوقت كان ستيف وزنياك قد إستقال وباع حصته في الشركة.
تولى جوبز تطوير الأجهزة وتم إصدار جهاز شخصي بواجهة جرافيكية، وله فتحات لتهوية الدوائر الإلكترونية ومكونات التصميم الداخلية، بدلًا من مراوح التهوية.
ولكن تسبب هذا الجهاز في حدوث الكثير من المشاكل للشركة، وفقدان الكثير من عملائها، بسبب تجربة المستخدم السيئة، بالإضافة لسعر الجهاز المرتفع.
بجانب ذلك، ظهرت في ذلك الوقت شركات جديدة منافسة لشركة آبل منها IBM، ومايكروسوفت، وبدأت شركة أبل تنهار تدريجيًا وتقل مبيعاتها، في ظل إرتفاع مبيعات الشركات المنافسة.
كما قُدمت الكثير من الشكاوي ضد شركة آبل، ودخلت الشركة في أحكام قضائية لا تنتهي بسبب الأضرار التي تسبب بها آخر إصدار من إصدارات آبل للمشترين، وبسبب الإلتزامات التي لم تستطع الوفاء بها.
بعض المصادر ذكرت أن آبل قامت بتطوير واجهة المستخدم في جهاز آبل ليزا، وأضافت تقنيات حديثة لأجهزتها منها واجهة مستخدم رسومية فقلدتها شركة مايكروسوفت في ذلك.
مما دفع آبل لرفع دعوى قضائية ضد مايكروسوفت، ولم ينطوى هذا الملف إلا بعد رجوع ستيف جوبز مرة أخرى كرئيس تنفيذي لشركة أبل.
في هذا الوقت، كان مجلس إدارة شركة آبل يعاني من التفكك، وكان النزاع على الإدارة قائماً بين كلًا من جون سكولي مالك شركة بيبسي، وستيف جوبز الذي قام بترشيح جون من قبل.
وبسبب الخلاف الذي نشب بينهم بعد إنهيار مبيعات آبل، إختلف كلًا منهما على خطة إعادة هيكلة وتنظيم الخطة التسويقية من جديد لتضميد ما حدث من خسائر في المبيعات.
إلا أن النهاية لم تكن سعيدة وتم طرد ستيف جوبز، لتنهار شركة آبل تمامًا، فتم تبديل السلطة من جون سكالي لمايكل سبيندلر.
بدأ ستيف يعمل بجد بعد ترك أبل، وكانت بدايته من شركة ديزني حيث إستثمر بها مبلغًا ضخمًا، ثم قام بعد ذلك بتأسيس شركته الخاصة للبرمجيات وهي شركة “نيكست” عام ١٩٨٥.
في ذلك الوقت كانت آبل تعمل جاهدة لإعادة بناء الثقة مع عملائها من جديد، وتطوير منتجاتها لتدارك المشاكل الكبيرة التي حلت بها لكنها لم تنجح في ذلك أيضًا، مما دعاها للتحالف والتعاقد مع شركة IBM وشركة موتورولا.
على أمل خلق منصة حاسوبية جديدة، وتم إصدار جهاز “باور ماكنتوش” أو المسمى “باور بي سي” وهو أول حاسوب من أبل يعمل بمعالج IBM.
– التذبذب من جديد بين الصعود والهبوط
وفي عام ١٩٩٦ تم تبديل الرئيس التنفيذي لشركة آبل “مايكل سبيندلر” بـ “جيل أميليو” والذي قام بإجراء الكثير من التغيرات التي ساهمت بشكل ما في إعادة بناء وهيكلة نظام العمل، كما قام بمحاولات عديدة في تطوير نظام التشغيل باور ماكنتوش.
ومن ضمن محاولاته لتحسين نظام تشغيل شركة آبل، قام بشراء شركة نيكست بنظام تشغيل “نيكست ستيب” والتي كان يمتلكها آنذاك “ستيف جوبز” وبذلك عاد ستيف جوبز لشركة آبل مرة أخرى في عام ١٩٩٧.
عمل بها كمستشار، ثم تدرج في منصبه حتى وصل لمنصب الرئيس التنفيذي المؤقت، وبسبب كم الخسائر التي تعرضت لها الشركة وعدم تقدمها أطاح بأميليو وجميع من تحته من المدراء.
وقام بالإستحواذ على منصب الرئيس التنفيذي لآبل، وأعاد مرة أخرى بناء وهيكلة نظام الشركة، في كل شئ بداية من الإدارة والمبيعات ونظام العمل.
إستمرت آبل بالعمل الجاد وفق خطة ستيف جوبز، وفي عام ٢٠٠٧ أصدرت آبل أول جهاز آيفون، جهاز “الكل في واحد” All In One Device الذي غير وجه أبل، بجانب إنتاج جهاز “الآي ماك”.
وإستطاعت آبل طرح الجهاز وبيع ٨٠٠ ألف وحدة في الشهور الخمس الأولى من عرض الجهاز، وهذا جعل آبل تعود لمكانتها وربحها مرة أخرى بعد الإخفاق لسنوات طويلة منذ عام ١٩٩٣.
– النهضة الحقيقة تعود لآبل مرة أخرى
توسعت آبل بعد ذلك وقامت بالإستحواذ على العديد من الشركات التقنية لضمان تجربة مستخدم رائعة لعملائها، ومن بين هذه الشركات شركة “كولومبو” التي ساهمت في زيادة حصة آبل وتوسعها في الأسواق الرقمية.
أيضًا اشترت آبل شركة “ناثينج ريال” لتضمن خاصية “شيك” التي كانت ضمن خصائص رقمية في الصور، كما إستحوذت على شركة “E-Magic” لتطوير برامجها في الإنتاج الموسيقي.
وبذلك فإن آبل قامت بإقحام وشراء جميع الشركات ذات أنظمة التشغيل المُثلى لأجل تطوير جهاز حاسوب ماكنتوش، فأصدرت نظام التشغيل ماك ٩، وماك أو إس عشرة (OS١٠).
كما قامت آبل بتغيير الشعارالخاص بها، بعدما كان شعارًا يحمل صورة “نيوتن” أثناء جلوسة أسفل شجرة التفاح، ومن ثم استُلهم رمز التفاحة في الشعار ليكون رمزًا للتغير في المستقبل.
وقيل أن التفاحة ظهرت مقضومة كي لا تشبة حبة الطماطم أو الكرز، وقيل للدلالة على أن الجمال لا يَكمُن دائمًا في الكمال، وقد يكون في النقص تميزًا أنت لا تدري عنه، وقيل أن القضمة تعبر عن رمز الغموض والإبداع في كل ما هو جديد.
وكما نرى فإن رمز التفاحة المقضومة إستمر مع آبل حتى اليوم، لكن ألوان الشعار فقط هي التي تغيرت، حتى إستقرت آبل على الشكل الحالي للشعار.
وبعد ثلاث سنوات من عودته لإدارة أبل، إستطاع ستيف جوبز وضع خطته المحكمة، وعمل عليها جاهداً لرفع مكانة آبل من جديد وجعلها تتفوق عالميًا بالشكل الحالي لها.
بالإضافة إلى ذلك فلم يقتصر فقط على بيع أجهزة الحاسوب بل طور منتجات آبل، وأعلن عن الآيفون، الآيباد، وساعات آبل الذكية.
وغير ذلك من منتجات آبل الحالية والتي ما زالت في تطور مستمر، كما إستطاع إغلاق جميع سجلات المحاكم بين آبل و جميع منافسيها.
وتحاول آبل حالياً التخلص من المواد البلاستيكية والمواد المضرة بالبيئة عموماً في تصنيع أجهزتها، وقامت بإستخدام التيتانيوم المقاوم للصدأ، والبولي كاربونات ذات الحجم الخفيف المقاوم للصدمات.
– ملخص المقالة
كانت لدى ستيف جوبز ملكة الإدارة، والإرادة القوية، والثقة بالنفس التي يخالطها أحيانًا شعور بالعظمة والرفعة، فكانت لديه نظرة ثاقبة للمستقبل، ويطمح لتغييره على نحو أفضل.
فلو لم يكن ستيف جوبز لما وصلت إلينا الأجهزة الإلكترونية الحالية، لأنه من قام بالتسويق لأول جهاز حاسوب مع وثوقه في قدرته على تغيير العالم مستقبلاً.
فكان ستيف جوبز يتمتع بعقلية إدارية وله قدرة على التخطيط الجيد ورؤية المستقبل، وكان ذلك من دوافع إستمراره ويقينه من النجاح في يومٍ ما.
وها قد حقق حلمه وظلت إنجازاته باقية لتبين لنا مسيرة هذا العملاق وتوابع شخصيتة الناجحة.
ظلت آبل محتفظة بمكانتها، وولائها بين عملائها طوال مدة إدارة ستيف جوبز، وحتى يومنا هذا، واليوم تبلغ قيمة شركة أبل السوقية ٢ تريليون دولار، وهي أول شركة في التاريخ تبلغ قيمتها تريليون دولار.
ويمكننا أن نتعلم من إخفاق ونجاح شركة آبل ما يلي:
١- التعاون يصنع الأشياء العظيمة، ففي بداية أبل كان التخطيط والإدارة والأمور التسويقية لستيف جوبز، وكانت صناعة المنتجات الملموسة والجودة لستيف وزنياك.
٢- مهما كنت ناجحاً ومتميزاً سيكون الفشل أحد المحطات التي تمر بها حتماً، وهو السبيل الوحيد للوصول إلى الوجهة المستهدفة.
٣- الإرادة القوية والتخطيط الجيد هما أساس نجاح أي شركة.
٤- يجب دائماً محاولة تخطي المنافسين بمدة زمنية كبيرة.
٥- يجب الجمع بين سهولة إستخدام المنتجات وكفائتها.
٦- يجب التطوير بشكل دائم، والتنوع في المنتجات التي تخدم هدف الشركة.
اكتشاف المزيد من تجارة واقتصاد
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.